أخبار العالم

هل تمارس الشرطة الفرنسية عنفا ممنهجا ضد الأقليات؟ | سياسة

كشفت تحقيقات ميدانية عن استمرار نمط متواصل من العنف الشرطي ضد الأقليات في فرنسا، حيث تجاوز عدد ضحايا عنف الشرطة 861 حالة وفاة منذ 1977.

وحسب حلقة (2025/5/14) من برنامج “مواطنون درجة ثانية” التي يمكن متابعتها كاملة في هذا الرابط، فإن وتيرة الأزمة تصاعدت تصاعدا حادا خلال السنوات الأخيرة، مع مقتل 44 شخصا برصاص الشرطة خلال العامين السابقين لواقعة الشاب الجزائري نائل المروعة.

ففي صباح 27 يونيو/حزيران 2023، غادر نائل (17 عاما) منزله في ضاحية نانتير بعد أن ودع والدته بقبلة وكلمات حب.

ولم تدرك الأم أن هذه ستكون آخر لحظة ترى فيها ابنها على قيد الحياة، فبعد ساعة فقط أطلقت الشرطة رصاصة قاتلة على الشاب ذي الأصول الجزائرية خلال تفتيش روتيني.

وكانت كلماته الأخيرة التي وجهها لصديقه: “سأموت… إنه أحمق لقد أطلق الرصاص!”، وأصبحت لاحقا شعارا للمحتجين.

وأشعل مقتل نائل فتيل الغضب المكبوت في الضواحي الفرنسية، وانتشرت المظاهرات كالنار في الهشيم تحت شعار “لا عدالة هنا!”.

وتحولت شوارع باريس ومدن أخرى إلى ساحات مواجهة، مع حرائق متعمدة واعتداءات على مراكز الشرطة، ولكن هذه الاحتجاجات لم تكن سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الغضب الشعبي.

وقبل نائل بـ7 سنوات، لقي أداما تراوري (24 عاما) حتفه في ظروف مماثلة، إذ مات الشاب الأسود من أصول أفريقية مختنقا في أثناء اعتقاله.

وكرست شقيقته آسا تراوري حياتها للنضال من أجل العدالة، حيث استغرق الأمر 7 سنوات لإثبات تورط الشرطة في وفاة أخيها، وتقول آسا: “عندما تتحدث، يقتلونك”، في إشارة إلى ثقافة الإفلات من العقاب.

وتواصل تراوري كفاحها، مؤكدة أن معركتها “ليست فقط لأجل أداما، بل لأجل كل من سقطوا”.

ولفتت إلى التشابه الصارخ بين قضية أخيها وحالة جورج فلويد في أميركا، قائلة: “حتى في الموت، لا نستحق معاملة البشر”.

حالة ترقب

وفي حي بابلو بيكاسو بمدينة نانتير، إحدى بؤر الاحتجاجات، يعيش الشباب في حالة ترقب دائمة، إذ يقول أحدهم: “سببت لي الشرطة إصابتين”، بينما يضيف آخر: “يعاملونني كمجرم لمجرد أنني عربي”، في حين يتهم السكان وسائل الإعلام بتضخيم صورة “الخطر” في أحيائهم، بينما يتغاضون عن العنف الممنهج الذي يتعرضون له.

ومن داخل مؤسسة الشرطة، يقدم عبد الله كونتي -شرطي مسلم من أصول أفريقية- شهادة نادرة ويقول: “هناك شرطيون عنصريون يمارسون عنفا ممنهجا”، ورغم اعترافه بوجود مشكلة، فإنه يصر على أن “الشرطة الفرنسية ككل ليست عنصرية”.

وتعود جذور الأزمة إلى 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961، عندما قتلت الشرطة الفرنسية أكثر من 200 جزائري خلال مظاهرة سلمية في باريس، وأفلت المسؤول عن المجزرة حينئذ موريس بابون، ولم يحاكم قط على هذه الجريمة، رغم إدانته لاحقا في قضايا أخرى.

وفي حين ترفع فرنسا شعارات الحرية والمساواة، توثّق التقارير آلاف حالات التمييز ضد المسلمين والأقليات سنويا.

فقد سجل المجلس الفرنسي لشؤون المسلمين عام 2021 وحده آلاف الحوادث التي لم يبلغ عنها معظمها بسبب انعدام الثقة في النظام القضائي.

وبين إنكار المؤسسة وشهادات الضحايا، يبقى السؤال الأكبر: هل يتعلق الأمر بأخطاء فردية أم بنظام عنصري ممنهج؟ في الوقت الذي تستمر فيه الاحتجاجات، تزداد الحاجة إلى إصلاح جذري لنظام يبدو أنه فقد ثقة جزء كبير من مواطنيه.


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى