الدبيبة والعيلفون.. أنا ليكم بجر كلام!! – صحيفة السوداني

مبارك صباحي
الدبيبة والعيلفون توأما الروح جمعت بينهما أواصر الرحم والقربى، وجمعهما تاريخ مجيد وعظيم وفرقتهما جغرافيا الزمان والمكان وسبل كسب العيش والحياة، إلا أن قلبيهما وأوردتهما وشرايينهما لا تزالان تنبضان بالحب والحياة.
(عيلفونك يا جنى!!)… بلدان عزيزان كل منهما صنعت نفسها ووهبها الله بفضله ما لم يهبه للآخرين وبفضل الله وكرمه وعزيمة رجالها دفعتهم نحو التميز والتفرد والإبداع والتفوق والعلياء.
فالعيلفون بلد الشيخ إدريس ود الأرباب، سلطان الأولياء وإمام العارفين، ومهد التعليم الأول بمنطقة شرق النيل تميزت بجمالها ورقي إنسانها ومبادراتها وتعليم أبنائها فبلغوا أعلى المراتب وتبوؤوا أرفع المناصب في مجالات الحياة كافة.
والدبيبة بلد الفن والإبداع وهبها الله صفات ومميزات وجينات وراثية لا تتوفر عند غيرها فأصبحت أشبه بالظاهرة منها إلى المنطقة العادية المعتادة.. رفدت إلى سماء السودان عباقرة الفن الأصيل “العميد أحمد المصطفى وقيثارة الفن السوداني وسفيره سيد خليفة وملك الحماسة خلف حمد” ولا يزال عطاؤها ممتدا ومتواصلا فالذي يميز الدبيبة ليس الفن فحسب بل يمتلكون قيما وجمالا وتميزا في كل مناحي الحياة، حتى في ممارساتهم لهواية كرة القدم وتشجيعهم و(عرضتهم) واناقتهم وجمالهم وغيرها من أنماط المواهب، فلكل هذه الاعتبارات فالذي اكتبه هنا ليس مقالا أو كلاما على سبيل الفخر والتباهي على الآخرين، فقد أثبتت هذه الحرب وتداعياتها أن كل القرى التي استقبلت أهل العيلفون بعد تهجيرهم عن ديارهم قرى ومدن عزيزة على النفس وأهلها قوم كرام أثبتت المحنة علو مكانتهم وجليل قدرهم وسيظل ما قدموه لأهل العيلفون من إيواء وهشاشة وأريحية وبشاشة ومحبة ومودة وكرم الضيافة محفوراً في ذاكرة التاريخ وذاكرة أهل العيلفون، وكتب وسيكتب بأحرف من ذهب بأن أهلنا في أم ضواً بان بلد القرآن وبما فيها الدبيبة نفسها والحديبة والباقير وأم تكالي والحفرة والقوز وسوبا والسمرة والفادنية والشيخ مصطفى الفادني والشريق وغيرها من مدن وقرى شرق النيل والجزيرة والولاية الشمالية ونهر النيل والنيل الأزرق وسنار كلهم سجلوا ملاحم مع أهل العيلفون سنظل نذكرها ونفخر بها ما بقي الزمان.
ليأت ما أكتبه هنا في هذه المساحة الضيقة مجرد خواطر وأشجان وأحداث حقيقية نرويها للتاريخ ولم تقع بمحض الصدفة وتحتاج للتأمل والتفكر!! بأن ما تعرضت له العيلفون والدبيبة لم تتعرض له بقية المناطق والمدن التي تحيط بها وغيرها من مدن وقرى السودان، فالعيلفون قد أصابها الأذى الجسيم وهُجِّرت بالكامل وتعرض جانب كبير من منازلها ومؤسساتها ومراكز خدماتها للنهب والسرقة والدمار والتخريب. أما الدبيبة فقد تعرضت للدمار الكامل بنسبة 100% أليس في هذا ما يستوجب التساؤل والتأمل؟! كلام نكتبه فقط لشحذ الهمم وتنبيه وايقاظ ضمائر أبنائها لتوحيد الجهود من أجل إعادة البناء والتعمير لهاتين البلدتين العريقتين بشرق النيل ليعودا لسابق عهدهما ترياقا للإبداع والتفرد والتميز والجمال، وهذا عهدنا بأهل العيلفون وهذا ما جسدوه على أرض الواقع عندما بدأوا يتوافدون إلى أرض الآباء والأجداد بنفراتهم ووثبات شبابهم ملأوا بها الدنيا وأشغلوا بها الناس وسارت بخبرها الركبان فلا نجوم العيلفون خبأ ضوؤها ولا (دبيبتها) الحبيبة التي هبت هي الأخرى وشعارها المرفوع (دبيبة نعلي شأنا) توارت عنها أشعة الشروق!!
Source link