اخبار محلية

رجعنالك

رجعنالك

د. عمار حسن خميس

النيل الأبيض، مدني، الخرطوم وكردفان، كلها عادت إلى مشكاة الوطن، وما تبقّى لن يطول. بعد العيد، إن شاء الله، سوف يأتي الناس من كل فجٍّ، يفتحون بيوتهم، ويعمّرون ذاكرة منابع صبانا وإرث أجدادنا.

سوف ترجع أم درمان بسوقها وسهولها وسمكها ولمّتها وفولها، وترجع الأيام الجميلة.

نعم، أرهقها الذين لا يعرفون قيمتها.
أم درمان لم ترفض حتى الذي عاش فيها نفاقًا، منتظرًا الزمن لينقضَّ عليها، وقد فعلوا، ولكنها لفظت خبثها.
أم درمان لن تغيّر عادتها، سوف تقبل الكلّ بنفس الفرح، لأنها ليست مكانًا… أم درمان “سمّها” وصفة أو قل خوارزمية قادرة أن تولّد من المتاح إبداعًا.

فعلتْها من قبل: جاءها كرومة، ولم يكن يُعرف، فأصبح شاعرًا يستنطق أحرف العربية دُررًا، وأتاها محمد الأمين، فعزف الألحان سِندسًا عبقريًا، وأتاها عركي، فأصبحت مُلهمته، وتمسّك بها في كل اللحظات الحرجة، ولم يتركها.
أتاها حمد والديبة، فعزفوا “الكفر” وترًا.

أم درمان لا تطلب منك أقصى إمكانياتك، تطلب منك المتاح والممكن، لتجعلك رقمًا.
أم درمان تغنّي بك من لا يُجيد حتى العربية، ولم يقضِ طفولته في شعابها.

كم نشتاق أن ندخلكِ آمنين، مغنّين، ومبتهجين، حامدين، شاكرين.
أشاهد مباراة في دار الرياضة أم درمان، وأصلّي المغرب في الإدريسي، وأحضر مسرحية في المسرح القومي، ثم أعود إلى بيتي بعد أن أقضي يومًا “أمدرمانيًا” كامل الدسم.
حاول من حاول أن يسلب مثل هذا اليوم، ولكن هيهات، هيهات.

ها نحن نتهيّأ للّقاء، الذي لا أضمن كم ستكون الدموع فيه مدرّارة، ولكن، مجرّد حضنها سوف يزيل كل هذا الهوان والحزن.

حبكِ غير حب الحسناوات، فهو أعظم وأجلّ.
كم أشتاق إليكِ، وكم أُعدّ العدّة للعودة.
يا أجمل ما وهبنا الله، فيكِ أقولها مرة أخرى:
من لم يُرزق حبّها، حُرم معنى الحب، ومن لم يعش فيها، قد يستغرب قولي، ويندهش ممّا أعبّر، ولكنها دهشة من لم يذقها، ويتلمّسها، ويعرفها.


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى