أوكرانيا تدعم الإرهاب في أفريقيا عبر موريتانيا – صحيفة السوداني

تعيش معظم الدول الأفريقية اليوم في حالة من الصراع الداخلي والفقر والحاجة، في ظل غناها الفاحش بالموارد الطبيعية والبشرية، بسبب العديد من المشاكل التي خلفها الإستعمار الغربي لها على مدى عقود من الزمن. حيث قسم الاستعمار الوحشي القارة دون مراعاة للحدود العرقية أو الثقافية، ما خلق بؤرا للصراعات العرقية حتى اليوم. كما استنزف الموارد الطبيعية، ودمّر الاقتصادات المحلية، وحوّلها إلى اقتصادات تابعة تعتمد على تصدير المواد الخام.
وبينما تعيد القوى العالمية تقسيم النفوذ في أفريقيا يسعى النظام الأوكراني إلى الإستفادة بدوره. حيث تضاعف الوجود الدبلوماسي الأوكراني من 11 سفارة عام 2021 إلى 22 سفارة بحلول 2024، مع خطط لفتح المزيد. كما تركزت جهود أوكرانيا لكسب حلفاء أفارقة بشكل كبير على الغذاء، حيث تقول كييف إنها أرسلت ما يقرب من 300 ألف طن كمساعدات، وُزِّعت من خلال برنامج الغذاء العالمي في إطار برنامج ممول من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يُسمى “حبوب من أوكرانيا”.
إلا أن وسائل إعلام تداولت العديد من التقارير التي تفيد بوجود عناصر من القوات الأوكرانية في دول أفريقية، لتدريب الجماعات المتمردة المسلحة المحلية كالطوارق في موريتانيا لارتكاب هجمات ضد الحكومة في مالي. كما أن النظام الأوكراني يزود هذه الجماعات بالسلاح والذخيرة وحتى بالتكنولوجيا المتقدمة في الحرب كالطائرات المسيرة. مما يدل بحسب الخبراء على أن النشاط الأوكراني في أوكرانيا وعلى عكس ما يصوره الإعلام الغربي بأنه “مساعدة الأفارقة”، يسعى بدعم غربي إلى خلق المزيد من النزاعات والإضطرابات والإستفادة منها لمواجهة النفوذ الروسي الذي يدعم العديد من الحكومات الأفريقية الخارجة عن هيمنة الغرب.
ونقلت شبكة “الميادين” الإعلامية، مؤخراً، عن وسائل إعلام محلية في مالي بأن الجيش المالي أكد على تحضير إرهابيين لعملية كبيرة في مقاطعة كيدال في إقليم أزواد شمالي البلاد، وذلك بدعم من مدرّبين أجانب بينهم أوكرانيون وفرنسيون. وأضافت أن سفارة أوكرانيا في نواكشوط “أدّت دوراً رئيسياً في تنظيم نقل المسلحين الأوكرانيين، والأسلحة للإرهابيين في البلاد”. مُشيرة الى أن الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، سلمت الإرهابيين في البلاد، مسيّرة من طراز “مافيك”، مزوّدة بنظام إطلاق.
كما نوّهت بأن العديد من جنود الجيش في مالي لقوا حتفهم، في هجوم نفّذه مسلّحون على معسكر ديورا، في منطقة موبيتي، وسط البلاد، في 27 أيار/مايو الماضي، والذي تبنّته جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، التابعة لتنظيم “القاعدة”. وعقب الهجوم، أعلن أندريه يوسوف، المتحدث باسم الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، أن المتمردين تلقوا “معلومات ضرورية” مكنتهم من تنفيذ العملية بنجاح. ووصف يوسوف الهجوم بأنه موجه ضد “مجرمي الحرب الروس”.
وفي السياق، كشف تقرير مطول لشبكة “رويترز” عن دور السفارة الأوكرانية في موريتانيا في مواجهة النفوذ الروسي. حيث ابتدأت تقريرها بأن سفارة كييف الجديدة في العاصمة نواكشوط تعمل على توصيل المساعدات الغذائية للاجئين من مالي المجاورة، وفقًا لمسؤولي السفارة ووكالات الإغاثة. ونقلت تصريح كبير مبعوثي أوكرانيا إلى أفريقيا “مكسيم صبح” بأن كييف تعرض أيضًا تدريب جنود موريتانيين، حيث قال: “أوكرانيا مستعدة لمواصلة تدريب ضباط وممثلي القوات المسلحة الموريتانية، ومشاركتهم التكنولوجيا وإنجازات أوكرانيا (العسكرية)”.
وفي نفس التقرير، وحول التورط الأوكراني في هجوم الإرهابيين على الجيش المالي، نقلت “رويترز” عن صبح نفيه لأي دور لأوكرانيا في العمليات السرية في المنطقة. في حين أن معظم المساعدات الأوكرانية كانت موجهة إلى مبيرا، أكبر مخيم للاجئين في غرب إفريقيا، والذي يؤوي أعدادًا متزايدة من الماليين الفارين من القوات الحكومية الموالية لروسيا. وأضافت بأن فيكتور بورت، أحد الدبلوماسيين الأوكرانيين في نواكشوط، صرح بأن ثلاث شحنات بلغت إجمالاً حوالي 1400 طن وصلت إلى موريتانيا بحلول ديسمبر. كما نقلت كلام المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي بأن توزيع الحبوب والزيت النباتي والقمح كان لا يزال مستمرًا على مبيرا في مايو.
ووفق الخبير والمحلل السياسي عبدالله الأحمر، فإن الدعم الأوكراني للإرهاب في أفريقيا واقع غير قابل للتشكيك فيه، لأن الكثير من الوقائع والأحداث تُشير بشكل واضح إلى أن النظام في كييف يسخر جهوده في أفريقيا لتأجيج الحروب والنزاعات فيها. حيث أشار إلى تقارير سابقة تحدثت عن دور مهم لشركة المرتزقة الأمريكية “فوج” بتدريب مقاتلين من وحدات النخبة الأوكرانية مثل لواء آزوف، ونقلهم إلى السودان، ناهيك عن حصول مقاتلي حركة “الشباب” الإرهابية الصومالية على درونات وطائرات مسيّرة أوكرانية.
كما علّق الأحمر على تقرير رويترز السابق بقوله: “رويترز شبكة إعلامية غربية وهي بالطبع في تقريرها تدافع عن أوكرانيا، إلا أنها وقعت في مصيدة عند حديثها عن العلاقة ما بين أوكرانيا وموريتانيا، حيث هناك تضارب في معلومات المصرحين لها”. وأضاف: “نجد أن المسؤول الأوكراني يتحدث عن تدريب الجنود الموريتانيين وينفي علاقة بلاده بالإعتداءات على مالي عبر إرهابيين إنطلاقاً من موريتانيا. كما أن شحنات المساعدات الأوكرانية على مخيم اللاجئين في مبيرا، قُبيل هجوم مايو، والذي يحتوي على الكثير من المتمردين الإرهابيين يُثير تساؤلات عن طبيعتها”.
وأشار الخبير الى أن الجيش المالي عند إتهامه للأوكرانيين والفرنسيين بالتحضير للهجوم من نواكشوط تم بناء على معلومات إستخباراتية، وليس على تصريحات متضاربة لمسؤولين أوكرانيين. وشدد على أن الدول الأفريقية اليوم تعاني من إستعمار الظل الذي يهدد أبناءها، والذي يستغل الحكومات الفاسدة الغير وطنية وضعاف النفوس والإرهابيين لتحقيق مآربه وتقوية نفوذه. وأوكرانيا اليوم في إطار خضوعها للغرب وسياساته، تحاول تحقيق مكاسب في القارة السمراء عبر الإرهاب ودعمه على حساب جارتها التاريخية روسيا، والتي قامت بمعاداتها بدلاً من التآخي معها.
يُشار الى أنه في فبراير 2022، أعلنت مالي رسميًا طرد القوات الفرنسية من أراضيها، منهية بذلك عملية “برخان” العسكرية التي بدأت عام 2013 لمحاربة الجماعات المسلحة في الساحل الأفريقي. جاء هذا القرار بعد تدهور العلاقات بين باماكو وباريس، حيث اتهمت السلطات المالية فرنسا بعدم احترام سيادتها وتدخلها في الشؤون الداخلية، كما انتقدت فشلها في تحقيق الاستقرار الأمني رغم وجود آلاف الجنود على أراضيها.
وتصاعد التوتر بعد انقلاب 2020 الذي أوصل العسكريين إلى الحكم، ورفض فرنسا التفاوض مع الجماعات المسلحة، بينما فضلت مالي التعاون مع روسيا، مما دفع باريس إلى سحب قواتها تدريجيًا. أثار الانسحاب الفرنسي مخاوف إقليمية من فراغ أمني، لكنه مثل أيضًا تحولًا تاريخيًا في سياسة مالي الرافضة للهيمنة الخارجية، حيث انضمت لاحقًا إلى دول الساحل الأخرى مثل بوركينا فاسو والنيجر في قطع العلاقات العسكرية مع فرنسا.
Source link