مقالات الرأي
أخر الأخبار

هل الانسحاب الأمريكي من قاعدة العديد في قطر احتراز أم تمهيد لتصعيد ؟

بقلم : حافظ حمودة

شهدت قاعدة العديد الجوية في قطر خلال الفترة من 5 إلى 19 يونيو 2025 ، انسحابًا مفاجئًا لمعظم الطائرات الأمريكية حيث انخفض عددها من نحو 40 إلى 3 فقط ، وفق صور أقمار صناعية نشرتها وكالة ( بلانيت لابز ). تزامن ذلك مع تحذيرات أصدرتها السفارة الأمريكية في الدوحة لموظفيها تطلب فيها توخي الحذر الشديد في ظل ما وصفته بـ”أعمال عدائية إقليمية محتملة”، ما يشير إلى توتر متصاعد في المنطقة .

هذا التحرك العسكري الأميركي يمكن قراءته في سياقين رئيسيين: أولهما ، التحسب لرد إيراني محتمل ، نظرًا لقرب القاعدة ( أقل من 300 كيلومتر من الساحل الإيراني ) مما يجعلها عرضة للهجمات أو الشظايا الناتجة عن قصف قريب ، وفق ما أشار إليه الجنرال المتقاعد مارك شوارتز . وقد يكون نقل الطائرات إلى مواقع أكثر أمانًا كالبحرين أو حظائر محصنة داخل القاعدة نفسها .

أما السياق الثاني ، فهو التمهيد لتدخل أمريكي محتمل إلى جانب إسرائيل في حال اندلاع مواجهة مباشرة مع إيران . البيت الأبيض أعلن أن الرئيس سيتخذ قرارًا خلال أسبوعين بشأن هذا التدخل . وترافق ذلك مع حشد عسكري أمريكي واسع يشمل إرسال حاملة طائرات إضافية وتحريك عشرات طائرات التزود بالوقود إلى أوروبا .

انعكاسات هذا الإجراء كانت ملحوظة في الخليج، خصوصًا في قطر التي استثمرت أكثر من 11 مليار دولار في تطوير القاعدة ، ما يجعلها شريكًا استراتيجيًا لواشنطن . لكن الإخلاء المفاجئ يثير تساؤلات داخل الدوحة حول ثمن هذا التحالف في ظل تزايد المخاطر . في الوقت ذاته قد يؤدي إعادة انتشار القوات الأمريكية إلى نقل العبء الأمني إلى دول خليجية أخرى تستضيف قواعد أمريكية وهو ما يطرح تساؤلات حول أولوية “حماية القوات” الأمريكية حتى لو كان ذلك على حساب أمن الحلفاء .

مستقبلاً، إذا قررت إيران الرد على ضربة أمريكية – إسرائيلية فستكون القواعد في قطر والبحرين أهدافًا مباشرة . سحب الطائرات يقلل الخسائر البشرية لكنه لا يحمي البنية التحتية للقاعدة من التدمير . وفي المقابل قد تضطر دول الخليج وخصوصًا قطر والسعودية ، للعب دور دبلوماسي أكبر لمحاولة احتواء التصعيد خاصة بعد تلويح إيران بالرد بقوة على أي تدخل أمريكي مباشر .

هل هذا الانسحاب يُعد تخليًا عن قطر ؟ أم خطوة وقائية تعكس توقعات واشنطن لاحتمال اندلاع مواجهة واسعة . لكن التساؤل الذي يفرض نفسه بقوة : إلى أي مدى توفر الشراكة مع واشنطن الحماية ، ومتى تتحوّل إلى عبء استراتيجي ؟ الإجابة عن هذا السؤال ستتضح خلال الأيام القادمة ، إما عبر تصعيد يقود إلى مواجهة شاملة ، أو عبر تحركات دبلوماسية مكثفة لاحتواء الأزمة .

حافظ يوسف حمودة
21/يونيو/ 2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى