اخبار محلية

خبر وتحليل – عمار العركي – صمود تقدم قحت : تتبدل اللافتات والخيانة واحدة

ظل الفشل سمةً ملازمة لحليف المليشيا السياسي ” تقدُّم” حيث عجزت عن القيام بالدور والاختراق السياسي المطلوب منها ضمن سناريو الأجندة الخارجية ، ومع تصاعد الانهيارات العسكرية لمليشيا وإقتراب ساعة الحسم النهائي ، تفاقمت الخلافات الداخلية داخل “تقدم”، مما أدى إلى انقسامها إلى جناحين متباينين في المواقف والاستراتيجيات. وجاء هذا الانقسام نتيجة مباشرة لحالة الارتباك والتخبط التي تعاني منها تقدم ، بعد فرضت الحرب كبديل لأجندة الاتفاق الإطاري الخارجية لكنها فشلت في إدارتها عسكريا و توظيفها سياسياً لصالح الأجندة .

انقسام تقدم : محطة قبل التلاشي أم مجرد تغيير لافتة_ ؟

شهدت تقدم انقسامًا يعكس أزمة أعمق من مجرد اختلاف في الرؤى، فهو في جوهره نتيجة طبيعية لتحالف لم يمتلك يومًا قاعدة سياسية صلبة، بل كان قائمًا على تقاطعات مصالح بين قوى ارتبطت بالمليشيا أكثر من ارتباطها بالمصلحة الوطنية. اليوم، وبينما تحاول إحدى المجموعتين إعادة إنتاج التحالف تحت مسمى جديد صمود تتجه الأخرى نحو خيار أكثر غموضًا، مكتفية برفع شعارات إنهاء الحرب دون تقديم بدائل واقعية. فهل نحن أمام مرحلة التلاشي النهائي لهذا التحالف، أم مجرد إعادة تموضع تحت لافتة جديدة؟
* حتى عندما كانت تقدم موحدة، لم تكن ذات تأثير سياسي يُذكر، فوجودها خارج السودان وافتقارها لأي نفوذ فعلي على الأرض جعل تأثيرها محدودًا في المشهد السياسي الداخلي ، وبعد انقسامها، بات من الواضح أن تأثيرها يتضاءل أكثر، حيث لا تملك أي من المجموعتين القدرة على فرض رؤيتها أو إحداث تغيير جوهري في مجريات الأحداث. وهنا يبرز التساؤل : هل يمكن لمن كان عاجزًا وهو موحد أن يصبح فاعلًا وهو منقسم؟

التواطؤ مع الإمارات و المليشيا: تحالف مستمر رغم الانقسام

ورغم الإنقسام ، لم يتبرأ أي من الطرفين من وثيقة إعلان المبادئ التي وقعها التحالف مع مليشيا الدعم السريع، ما يعني أن الانقسام كان تنظيميًا لا جوهريًا. فـ تقدم لم تغيّر سوى اسمها إلى “صمود” لكنها احتفظت بنفس الأجندة القائمة على استغلال الأزمة الإنسانية كورقة ضغط ضد الحكومة السودانية، رغم أنها شريكًا أصيلًا في تفاقم هذه الأزمة. واللافت أن ” صمود ” دعت الاتحاد الإفريقي للإبقاء على تجميد عضوية السودان بعد اربعة وعشرين ساعة فقط من ميلادها لتدعيم مخطط الإمارات التأمري الجاري حاليا داخل أروقة الإتحاد الإفريقي.

صمود ” : ذات العمالة ، فقط اللافتة جديدة

لم تُغيّر ” تقدم” سوى اسمها، بينما ظل جوهرها كما هو : تحالفٌ سياسي يسعى لتمكين الأجندة الخارجية من أجل العودة للحكم بإستغلال الأوضاع الإنسانية كورقة ضغط ضد الحكومة السودانية، رغم كونها شريكًا أصيلًا في تفاقم تلك الأوضاع ، لتواصل ذات النهج القديم، مطالبةً الاتحاد الإفريقي بتشديد العقوبات والإبقاء على تجميد عضوية السودان،. وبينما تدّعي السعي إلى السلام ، تعمل على استدامة الأزمة، محولةً المأساة إلى فرصة لممارسة المزيد من الضغوط السياسية عبر واجهة جديدة، لكن بذات الأجندة القديمة.

عودة صمود إلى بورتسودانوك : مناورة سياسية أم صفقة مشبوهة_ ؟

وسط هذا المشهد ، برزت أحاديث وكتابات غير منطقية عن تحركات بعض رموز صمود باتجاه بورتسودان، ما أثار تساؤلات حول إمكانية وجود صفقة تحت الطاولة تمهّد لإعادتهم إلى المشهد السياسي من بوابة الحكومة. فكيف يمكن لحكومة تحارب مليشيا الدعم السريع أن تتيح المجال أمام تحالف لا يزال مرتبطًا بها؟ ومرتبط مباشرة بمحاربة وإنتهاك شعب السواد الأعظم منه لفظها ولا يقبل بها ؟
* هذا التساؤل يزداد إلحاحًا مع استمرار ارتباط صمود بالخطاب السياسي ذاته، بل واستثمارها في العقوبات الدولية وتجميد عضوية السودان كأدوات للضغط السياسي. فهل يعقل القبول بصفقة سياسية ضد الإرادة الشعبية العريضة بإعادة إنتاج هذا التحالف تحت مسمى جديد وإعادته للمشهد السياسي الداخلي ، رغم استمراره في لعب الدور ذاته ؟

خلاصة القول ومنتهاه

إن إنقسام تقدُّم إلى جناحين سياسيين متنافرين هو نتيجة طبيعية لهزيمة حليفها وجناحها العسكري حيث كان بقاء المظلة السياسية مرهونًا باستمرار القوة العسكرية للمليشيا على الأرض. ومع الانهيارات الميدانية التي تعرّضت لها المليشيا، لم يعد للجناح السياسي أي مبرر للاستمرار، ما يعني نهايته الحتمية، سواء عبر التفكك الداخلي أو التلاشي التدريجي من المشهد السياسي.

الانقسام ليس مجرد خلاف سياسي داخلي، بل هو المرحلة الأخيرة قبل التلاشي الكامل من المشهد السياسي، فهذا الكيان، الذي تماهى مع الإمارات والمليشيا في محاربة الشعب السوداني، أصبح مصنفًا كحركة سياسية متمردة لا مستقبل لها في السودان. كما أن مواقف العمالة المرتبطة بقوى خارجية منحته صفة الخيانة الوطنية ، مما جعل أي حديث عن محاولة إعادته للمشهد غيرمنطقي أوعقلاني .


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى