اخبار محلية

البرهان في غرب أفريقيا.. مساعٍ لرفع التجميد وكشف “الغزو الأجنبي”

بورتسودان، 16 يناير 2025 – مع اقتراب موعد القمة الأفريقية المرتقبة في منتصف فبراير المقبل، اختتم رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، جولة شملت خمس عواصم أفريقية على الساحل الغربي للقارة، وذلك وسط مؤشرات إيجابية ضئيلة تبشّر بإمكانية رفع تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، المُجمَّدة منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021.

وتأتي هذه الجولة في وقتٍ يحذّر فيه المجتمع الدولي والمنظمات الدولية من شبح مجاعة يُخيّم على السودان، بالتزامن مع توسع رقعة سيطرة الجيش السوداني ودخوله ولايات جديدة كانت خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.

وكان مفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن بالاتحاد الأفريقي، بانكول أديوي، قد أكد في نوفمبر الماضي موقف الاتحاد الثابت الرافض للانقلابات العسكرية في القارة، بما في ذلك انقلاب السودان عام 2021.

ركّز البرهان خلال جولته على التدخلات الأجنبية في الحرب السودانية، ووجّه رسائل مُبطّنة لأطراف ودول لم يُسمِّها، مُتهِمًا إياها بتأجيج الصراع في الدول الأفريقية. واعتبر مراقبون أن هذه التصريحات تأتي في سياق تبرير الحرب والتستر خلف شعارات القومية الأفريقية.

شملت جولة البرهان، التي اختتمها الاثنين الماضي، كلاً من مالي وغينيا بيساو وسيراليون والسنغال وموريتانيا، وهي أولى زياراته إلى غرب القارة منذ اندلاع الحرب، حيث كانت زياراته السابقة تتركز على دول الجوار.

ووصف مسؤول دبلوماسي بوزارة الخارجية السودانية، في تصريح لـ “سودان تربيون”، هذه الزيارات بالمهمة في ظل التقدم الذي يحققه الجيش السوداني على الأرض، مُعتبرًا إياها فرصة مواتية لشرح طبيعة الحرب في السودان على مختلف الجبهات.

وأكد المسؤول أن الزيارات تناولت ثلاثة محاور رئيسية، أولها التدخل الأجنبي وإرسال مرتزقة من قِبل بعض الدول للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع، وثانيها تعليق عضوية السودان، وثالثها مناقشة الأمر مع دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي.

ثلاثية الصراع وانعكاساتها

يرى الدكتور راشد الشيخ، الخبير في العلاقات الدولية، أن الحرب في السودان تدور على ثلاثة مستويات: الصراع الاستراتيجي، والصراع السياسي، وتداعيات الحرب الراهنة. وأوضح في حديثه لـ “سودان تربيون” أن هدوء المواجهات على المستوى الاستراتيجي ينعكس إيجابًا على المستوى السياسي وعلى أرض المعركة.

واستنادًا إلى هذه الفرضية، يرى الشيخ أن واقع التعامل على المستوى الاستراتيجي تشكَّل من خلال توجه السودان نحو التعاون مع دول مثل روسيا والصين وإيران وتركيا، التي تمنح، بطبيعة الحال، فرصة للتعامل مع الحليف والعدو على حدٍّ سواء.

وأضاف أن هذا التوجه دفع مجموعة من الدول إلى التعامل بشكل إيجابي مع السودان، وعزز من تغلغل هذه الدول في العمق الأفريقي، بشكل يفوق التغلغل الأوروبي والأمريكي، وقد تجلّى ذلك من خلال الزيارات واللقاءات تجاه السودان، مثل زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.

واعتبر الشيخ أن هذه الزيارات بمثابة رسالة للاتحاد الأفريقي ومنظمة “إيقاد” تُؤكد امتلاك السودان للقوة وكسر القيود المفروضة عليه، مُشيرًا إلى أن الاتحاد الأفريقي قد أرسل سابقًا إشارات إيجابية للحكومة السودانية حول إمكانية رفع تجميد عضويتها.

وأوضح راشد أن الجانب الآخر للزيارات يتمثل في ممارسة ضغط سياسي على الدول الداعمة لقوات الدعم السريع، مثل تشاد والإمارات، بالإضافة إلى ضغط غير مباشر على دول الجوار الأخرى، وأحيانًا بشكل مباشر، مُعتبرًا أن نتائج ذلك ستظهر على مستوى التعامل السياسي مع السودان والحرب الدائرة على الأرض.

حالة الارتباك وضرورة توضيح الصورة

من جهته، صرّح المحلل السياسي الدكتور محي الدين محمد محي الدين لـ “سودان تربيون” بأن أهمية زيارات البرهان لغرب أفريقيا تنبع من الارتباك الذي ساد الموقف الأفريقي تجاه الحرب في السودان، نتيجة للمعلومات المغلوطة، وأن الزيارة من شأنها أن تُسهم في إطلاع القادة الأفارقة على حقيقة ما يجري.

وأشار إلى أهمية ثانية للزيارات تتعلق بمسألة المرتزقة الذين يُقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع، مُوضحًا أن معظمهم ينحدر من غرب أفريقيا، وأن انتصارات الجيش في مواقع مختلفة تؤدي إلى هروبهم وعودتهم إلى بلدانهم، مما يُشكل تهديدًا لأمن هذه الدول.

وفي سياق متصل، لفت محي الدين إلى محور مكافحة الإرهاب، حيث تنشط جماعات إرهابية في غرب أفريقيا، مثل داعش وبوكو حرام والتنظيمات المرتبطة بالقاعدة، خاصة في مالي ومنطقة الصحراء الغربية. وتوقع تعزيز التعاون بين السودان وتلك الدول لمنع تدفق المرتزقة ودعم السودان في المحافل الدولية، وعلى رأسها عودة السودان إلى الاتحاد الأفريقي.

واختتم محي الدين حديثه بالإشارة إلى التأثيرات الاقتصادية المحتملة، لارتباط السودان بطريق الحرير الذي تُخطط الصين لإنشائه، والذي يربط البحر الأحمر بالمحيط عبر السودان، مما يُعزز التعاون الاقتصادي بين السودان وهذه الدول. وأكد أن هذه الزيارات من شأنها دعم موقف السودان الدبلوماسي في مواجهة ما وصفه بـ “المؤامرة الخارجية”، حيث كشف البرهان للزعماء الأفارقة في غرب أفريقيا عن طبيعة “الغزو الأجنبي” الذي تعرض له السودان.

أولوية العضوية المُجمّدة

وفي سياق متصل، صرّح الدكتور إبراهيم إدريس، الخبير في الدراسات الاستراتيجية، لـ “سودان تربيون” بأن الزيارات حملت بُعدًا مهمًا، أولاً حول تأكيد أن السودان دولة أفريقية أسست منظمة الوحدة الأفريقية تاريخيًا، وأنها تحافظ على فاعلية عضويتها وتُمارس واجباتها.

وأشار إلى أنه من المنطقي أن تعمل القيادة السودانية، ممثلة برئيس مجلس السيادة، على التواصل مع القيادات الأفريقية رغم الظروف الاستثنائية التي تهدد أمن ووحدة السودان.

وأضاف إدريس أنه من الطبيعي، في ظل الأزمة الطاحنة التي تواجه الدولة السودانية على المستوى السياسي، مواجهة ذلك عبر اللقاءات مع منظمة الاتحاد الأفريقي، وأن تُعزز الزيارات إلى وسط وشمال وغرب أفريقيا الزيارات السابقة في شرق أفريقيا ودول الجوار.

وأوضح أن من أهم أولويات الزيارة قضية عضوية السودان المُجمّدة في الاتحاد الأفريقي، والحرب الدائرة في السودان التي لها أبعاد تهم الدول الأفريقية وفقًا لمبادئ المنظمة، ولذلك تأتي أهمية توضيح طبيعة المعركة من وجهة نظر القيادة السودانية على رأس أجندة الزيارات.

 


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى