اخبار محلية

تشكيل حكومة السلام في السودان: دفوعات قانونية و دواعي وطنية لاستعادة الشرعية

تشكيل حكومة السلام في السودان: دفوعات قانونية و دواعي وطنية لاستعادة الشرعية

بقلم: أسامة سعيد

في ظل الأوضاع السياسية المتأزمة التي يعيشها السودان منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، ومرورًا بحرب 15 أبريل 2023 التي خلفت دمارًا واسعًا وأدت إلى انهيار سياسي ودستوري غير مسبوق، يبرز تشكيل حكومة مدنية كضرورة وطنية وقانونية ملحة. هذه الحكومة المقترحة لا تهدف فقط إلى التصدي للسلطات غير الشرعية المتمركزة في بورتسودان، بل ترمي أيضًا إلى الحفاظ على وحدة السودان وتحقيق السلام الشامل. تأتي هذه الخطوة في إطار أسس قانونية قوية، ودوافع وطنية لا تحتمل التأجيل.

الدفوعات القانونية لتشكيل حكومة السلام

​1.​فقدان الشرعية الدستورية لسلطات بورتسودان 

منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، عمدت السلطة العسكرية إلى تعليق العمل بالعديد من المواد الأساسية في الوثيقة الدستورية لعام 2019، مما أفرغها من محتواها وأدى إلى تقويض شرعية النظام القائم نفسه . من بين هذه المواد الحيوية (11، 12، 15، 16، 24، 71، 72) التي تؤسس للسلطات التشريعية والتنفيذية وتحدد صلاحياتها. تعليق هذه المواد يفقد السلطات الحالية في بورتسودان أي أساس دستوري شرعي، ويؤكد الحاجة إلى تشكيل حكومة جديدة تستند إلى شرعية ثورة ديسمبر وتوافق سياسي عريض.

​2.​انتهاك مبدأ الفصل بين السلطات 

السيطرة الكاملة للسلطة العسكرية والمليشيات المتحالفة معها على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية يعد انتهاكًا صريحًا لمبدأ الفصل بين السلطات، وهو أحد المبادئ الأساسية للحكم الديمقراطي. الوثيقة الدستورية لعام 2019 أرست قاعدة حكم مدني ترتكز على توزيع الصلاحيات بين مؤسسات الدولة. ومع تعليق العمل بها، فإن سلطة الأمر الواقع في بورتسودان تعتبر تعديًا واضحًا على هذا المبدأ، مما يسقط شرعيتها.

​3.​الاستناد إلى دستور انتقالي مؤقت 

بعد تعطيل الوثيقة الدستورية لعام 2019 إثر انقلاب 2021، تبرز الحاجة إلى دستور انتقالي مؤقت لتشكيل حكومة السلام. هذا الدستور يستمد شرعيته من توافق القوى السياسية والمدنية والمهنية التي أسهمت في ثورة ديسمبر 2018، ويشكل إطارًا قانونيًا يضمن استعادة الحكم المدني والتحول الديمقراطي. الحكومة الجديدة ستستند إلى هذا الدستور الانتقالي لتحقيق الشرعية وبناء الدولة.

​4.​الشرعية التوافقية لقوى الثورة .

الشرعية التي تستند إليها الحكومة الجديدة تأتي من توافق القوى السياسية والمدنية والمهنية التي تعبر عن إرادة الشعب السوداني. هذا التوافق يعكس أهداف ثورة ديسمبر في تحقيق الحرية، السلام، والعدالة، ويؤسس قاعدة قانونية قوية لحكومة تمثل تطلعات الشعب السوداني وتعيد البلاد إلى مسار التحول المدني.

الدواعي  الوطنية لتشكيل حكومة السلام

​1.​تحقيق السلام وإنهاء الحرب .

أحد أبرز الدوافع الوطنية لتشكيل حكومة السلام هو إنهاء النزاع المسلح الذي نشب في 15 أبريل 2023 . هذه الحرب المستمرة تهدد أمن واستقرار السودان بشكل خطير. الحكومة المقترحة ستسعى للضغط على سلطات بورتسودان لقبول تسوية سياسية شاملة توقف الحرب وتعيد البلاد إلى مسار السلام. هذا ليس فقط مطلبًا سياسيًا، بل هو رغبة شعبية واسعة لإيقاف نزيف الدماء وتحقيق الاستقرار.

​2.​الحفاظ على وحدة السودان

الإجراءات التي تتخذها السلطات في بورتسودان تهدد وحدة السودان، لا سيما مع الحديث المتزايد عن تأسيس “دولة البحر والنهر” في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش . تشكيل حكومة للسلام والوحدة الوطنية هو خطوة حاسمة للحفاظ على وحدة البلاد، ومنع أي محاولات لتقسيمه. الحكومة الجديدة ستضع وحدة السودان على رأس أولوياتها، وستعمل على معالجة التحديات التي تهدد تماسك الدولة من خلال الحوار والمصالحة الوطنية.

​3.​ضمان حقوق المواطنين الدستورية 

من أبرز الأسباب الوطنية لتشكيل حكومة جديدة هو ضمان استعادة حقوق المواطنين الدستورية، التي تضررت بفعل إجراءات سلطات بورتسودان. هذه الحقوق تشمل الحصول على الأوراق الثبوتية، حرية التنقل، واستقرار العملة الوطنية و عملية تعليمية واحدة لكل ابناء و بنات السودان، حكومة جديدة قوية ستعيد هذه الحقوق إلى السودانيين، وستعمل على إصلاح المؤسسات الوطنية لضمان تمتع الجميع بحقوقهم الأساسية.

​4.​حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية

السودان يواجه أزمة إنسانية تتطلب وجود حكومة فعالة لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية. الحكومة الجديدة ستكون ملتزمة بحماية المدنيين من الصراعات المسلحة، وستعمل على توفير الرعاية الصحية، الغذاء، والمأوى للمواطنين المتضررين. بالإضافة إلى ذلك، ستتعاون الحكومة مع المنظمات الدولية لضمان توزيع المساعدات الإنسانية بشكل عادل وشامل في كل المناطق المتضررة.

خاتمة

إن تشكيل حكومة في السودان بات ضرورة وطنية وقانونية لمواجهة السلطات غير الشرعية في بورتسودان، واستعادة شرعية ثورة ديسمبر. الاستناد إلى فقدان الشرعية الدستورية للسلطة الحالية، والدوافع الوطنية التي تشمل تحقيق السلام والحفاظ على وحدة السودان، تجعل من تشكيل هذه الحكومة خطوة لا غنى عنها. الحكومة الجديدة ستعيد البلاد إلى مسار التحول الديمقراطي، وتضمن حقوق المواطنين، وستعمل على بناء دولة مدنية يسودها العدل والسلام.


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى