اخبار محلية

المخابرات العامة.. نزع الألغام وتقديم الورود – صحيفة السوداني

كتب: عطاف محمد مختار

وصقور جوبا الجُدد يجتهدون في تنفيذ المخططات الخارجية لضرب الإسفين بين دولة جنوب السودان ودولة السودان، وإشعال نيران الفتنة، والتحريض الممنهج على السودانيين النازحين في الجنوب، من خلال بثّ السُّموم في وسائل التواصل الاجتماعي، وتعبئة الشارع ضد الشماليين، حتى سقط نتيجة تلك المؤامرة عشرات الأبرياء من السودانيين، ونُهبت متاجرهم، ما اضطر حكومة السودان لإجلاء رعاياها من هناك.

 

في هذه الأوقات العصيبة، ضبطت المخابرات السودانية أعصابها، وعملت بجهد لإفشال المخططات الخارجية التي تهدف لخنق السودان بأيدي جيرانه، فأخرجت عصارة خبراتها التراكمية، لتثبت بياناً بالعمل لجوبا أنّ الجوار الجغرافي التاريخي بين الشمال والجنوب لا فكاك منه، ونجحت المخابرات بقيادة الفريق أول أحمد مفضل، في إقناع أبرز معارض عسكري وسياسي في جنوب السودان، وهي الحركة الشعبية المعارضة، فصيل (كيت قوانق) بزعامة رئيس الحركة الجنرال سايمون قارويج دوال، للتصالح مع سلفاكير في بورتسودان.

 

وأوردت أخبار بلادي أنّ الاتفاق الذي تم توقيعه، الأحد، وجرت مشاوراته بالعاصمة الإدارية بورتسودان، مُمثلين عن الحركة الشعبية في المعارضة فصيل (كيت قوانق)، فيما أناب عن حكومة الرئيس سلفاكير، مدير جهاز الأمن الداخلي بالجنوب الفريق أول أكيج تونق أليو، ورئيس الاستخبارات العسكرية، الفريق قرنق استيفن مارشال.

يضمن الاتفاق، تنفيذ الترتيبات الأمنية بين الطرفين، ودمج القوات المنشقة (حركة تحرير السودان في المعارضة – فصيل كيت قوانق) في الجيش الرسمي لجنوب السودان، وضمان مشاركة الفصيل في السُّلطة.

 

الفريق مُفضل الذي توسّط منصة المُـوقّعين على الاتفاق، وصفه بـالتاريخي، وقال: “تمكّنا اليوم من الوصول لاتفاق بين حكومة جنوب السودان، والحركة الشعبية المعارضة، فصيل (كوت قوانق) بعد جولة ثانية وأخيرة من المشاورات التي أشرف عليها جهاز المخابرات العامة برعاية ومتابعة لصيقة من رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان”.

مُفضّل أشار إلى أن السودان رغم ظروف الحرب الوجودية التي يخوضها، ظل وسيظل مهتماً باستقرار وأمن الجنوب، “لأن استقرار جنوب السودان يعني استقرار السودان”.

وقال إنّ السودان وضع خبراته وقدراته لمعاونة الأشقاء بجنوب السودان، امتداداً لأدواره الأخوية، وشعوراً بالمسؤولية لطي الحروب والخلافات، وداعماً وراعياً من أجل الوصول إلى سلام دائم. وأثنى على الطرفين لاستجابتهم إلى نداء السلام والتوقيع على الاتفاق، مُشيراً إلى أن توقيع الاتفاق سيفتح الباب أمام استقرار الأمن في جميع المناطق الحدودية بين البلدين، خاصة منطقة (اللو نوير)، لأن فصيل “كيت قوانق” من الفصائل المؤثرة في المنطقة، وانضمامه لركب السلام سيكون حافزاً لآخرين للتخلي عن خيار الحرب في جنوب السودان.

 

مُفضّل أرسل رسالة واضحة في بريد جوبا، جدّد فيها تأكيد السودان بدعم حكومة الرئيس سلفاكير ميارديت، بقوة.

تُقرأ كذلك: (ننزع الألغام ونقدم الورود ووو.).

 

أما زعيم الحركة الشعبية في المعارضة، فصيل (كيت قوانق) الجنرال سايمون قارويج دوا، أكد على عزمه المضي إلى الأمام وقال: (ما بنمشي ورا.. بنمشي قدام)، واستنكر الجرائم التي اقترفتها مليشيا الدعم السريع في السودان، وجر بعض أبناء جنوب السودان إلى محرقة الحرب، وقال: (الدعم السريع سبّب لينا أكعب حاجة).

 

مجهود مقدر وكبير قامت به المخابرات العامة السودانية، في أحلك الظروف التي تواجهها البلاد – تمرد من الداخل، يصاحبه إسناد عسكري إقليمي للمليشيا، ساهمت فيه معظم دول الجوار – تستحق عليه التحية، وهي تصبر وتصابر وترابط في مختلف محاور العمليات، قدمت فيه مئات الأرواح للدفاع عن السودان، لم تنجر قيادته للجهوية والقبلية، واختارت الوقوف بشرف في صف الوطن الواحد، لم تستجب لاستقطابات ولم تنجر خلف المغريات الإقليمية التي للأسف نجحت في استقطاب مئات العسكريين والسياسيين وزعماء العشائر، من أجل حفيف الدراهم الملوثة بالدماء.

 

أعتقد هذه الخطوة، ستعزز من موقف سلفاكير، الذي يقف حجر عثرة أمام ضغط صقور جوبا الجُدد، الذين يحاولون بشتى الطرق جر جوبا للحرب مرة أخرى مع الشمال – بإيعاز خارجي – أو على الأقل ضم سلفاكير إلى صف خانة العداء ضد الشمال، وضغطه بملف ديون أموال النفط.

 

وما كانت الخطوة التصعيدية الشهر الماضي من حكومة جنوب السودان، حيال منطقة أبيي الغنية بالنفط التابعة لجمهورية السودان، إلا امتداداً للضغوط على سلفا، حيث بدأ الصقور عملية حشد لاستقطاب الدعم الدولي لضم أبيي رسمياً لها؛ بناءً على استفتاء أجرته جوبا عام 2013 لم يعترف به السودان. حيث انعقد اجتماع برئاسة ريك مشار، النائب الأول للرئيس سلفا، مع مجموعة الحوكمة لتأييد القوانين التشريعية الرئيسية وقرار استفتاء أبيي، لاعتماد استفتاء مجتمع (أبيي نقوك) وتوصية حكومة جنوب السودان بالتواصل مع أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين، للاعتراف بنتائج الاستفتاء كأساس لتحديد الوضع النهائي لأبيي.

 

الجهاز صاحي، عيونه على المؤامرات التي حِيكت في إنجمينا التي سلمت اذانها للخارج، وعيونه على جوبا التي يحاولون جرها، وعيونه على أديس التي تناور، وعيونه على بانغي محطة الاتصال، وعيونه على نيروبي التي يضارب فيها روتو في بورصة تقسيم السودان، وعيونه في منتجع عنتيبي التي أعلن فيها موهوزي نجل موسيفيني بوضوح أحلامه في اجتياح الخرطوم، وعيونه في بنغازي التي لا يكل فيها خليفة حفتر ولا يمل من تنفيذ خطط سادته في تشوين وإمداد المليشيا. الجهاز عيونه في مُدن الخارج لا تنوم، بينما جحافل نخبة عمله الخاص تدخل اليوم الوادي الأخضر في الخرطوم، داحرة المليشيا وتتارها الدموي، وتواصل حتى النصر الكبير.

 

التحية لكل بواسله في أرض المعارك، يدافعون عن البلاد بشجاعة، ولقادته الذين لا يغمض لهم جفنٌ للعبور بالسودان من حافة السقوط.

والأمل يحدونا لبناء جهاز متماسك قوي في المستقبل، لا يخدم أجندة حزبية أو عقدية، لا تعود فيه سيرة بيوت الأشباح أو الاعتقالات التعسفية، لا هدف له سوى السودان وبناء الوطن الواحد.


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى