اخبار محلية

تهديد للتعايش السلمي.. الجيش السوداني يعتقل “على الهوية”

يواجه المواطنون السودانيون المنحدرون من إقليمي دارفور وكردفان مخاطر الاعتقال في مناطق سيطرة شمال وشرق البلاد، حال توجههم إليها، بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.

وشكت عشرات الأسر المنحدرة من هذين الإقليمين من تعرض أبنائهم للاعتقال في مدن شمال وشرق السودان، بسبب زيارتهم لهذه المناطق لأغراض تتعلق بالتعليم أو العلاج أو التجارة أو السفر إلى الخارج.

في الفترة الماضية، قامت السلطات في مناطق سيطرة الجيش السوداني بتقديم عشرات المعتقلين، الذين تم توقيفهم بناءً على انتمائهم الجهوي أو العرقي، إلى المحاكم بتهم التخابر مع قوات الدعم السريع.

وتفاوتت الأحكام الصادرة بحقهم بين الإعدام والسجن المؤبد.

محاكمات على أساس جهوي وعرقي

واعتبر قانونيون أن هذه المحاكمات تعزز خطاب الكراهية والتمييز العرقي، ما يهدد وحدة وتماسك البلاد. فالأحكام التي تصدر بناءً على الهوية الجهوية والعرقية تمثل تهديدًا حقيقيًا للتعايش السلمي بين مكونات المجتمع السوداني.

من بين الحالات البارزة، يواجه الطالب عمر أحمد عبد الهادي، البالغ من العمر 20 عامًا، حكمًا بالسجن لمدة 5 سنوات بتهمة الانتماء لقوات الدعم السريع.

والطالب الذي كان في طريقه إلى ولاية الشمالية لأداء امتحانات الشهادة الثانوية، تم اعتقاله من قبل مجموعة من عناصر الجيش السوداني في مدينة القولد، ليجد نفسه في السجن بدلًا من قاعات الدراسة.

حكم بالإعدام لطالبة في كسلا

في حالة مشابهة، أصدرت محكمة في مدينة كسلا شرق السودان، برئاسة القاضي إبراهيم عبد المعروف، حكمًا بالإعدام على الطالبة غفران عثمان موسى آدم (21 عامًا)، بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.

ومن بين الأدلة التي استخدمتها المحكمة ضد الطالبة، منشور على موقع “فيسبوك” يترحم على أحد قيادات قوات الدعم السريع الذين قتلوا في الحرب.

ونزحت غفران من ولاية الخرطوم إلى ولاية سنار، ثم إلى ولاية كسلا بحثًا عن الأمان، قبل أن يتم اعتقالها ومحاكمتها بتهم التخابر مع قوات الدعم السريع.

شكاوى من أسر المعتقلين

في ذات السياق، أكدت أسر من ولاية شرق دارفور أن الجيش السوداني اعتقل العشرات من أبنائها في مدن شمال وشرق السودان بناءً على انتمائهم الجهوي، بتهم التخابر مع قوات الدعم السريع، وفقًا لموقع “دارفور24.”

ونقل الموقع عن محمود حامد، المقيم في مدينة الضعين، قوله إن شقيقه محمد (27 عامًا) تم اعتقاله من قبل استخبارات الجيش السوداني عند مدخل الولاية الشمالية أثناء سفره في رحلة تجارية إلى مدينة “الدبة”. وأضاف أن الأسرة لا تعلم مصير شقيقه منذ أكثر من شهر.

كما تحدث ياسر عيسى، من حي المطار غرب مدينة الضعين، عن اعتقال شقيقه حمدان في مدينة بورتسودان، الأسبوع الماضي، أثناء محاولته إتمام إجراءات سفره خارج البلاد.

وأكد أن الأجهزة الأمنية في المدينة اعتقلته دون مبرر سوى أنه من ولاية شرق دارفور.

مخاوف من تأثير المحاكمات على العدالة الوطنية

وقالت المحامية رحاب مبارك سيد أحمد، عضو المكتب التنفيذي لمجموعة “محامو الطوارئ” الحقوقية، لـ”إرم نيوز”، إن هذه المحاكمات سياسية بامتياز، مشيرة إلى أن القضاء الحالي يتبع توجهات حزب المؤتمر الوطني الحاكم في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

وأضافت أن هذه الأحكام تساهم في تكريس خطاب الكراهية والتمييز الجهوي، مما يهدد وحدة البلاد واستقرارها الاجتماعي.

خطر الاعتقالات على الشباب السودانيين

ويواصل العشرات من الشباب السودانيين من ولايات دارفور وكردفان السفر أسبوعيًا إلى مدن مثل “الدبة” في الولاية الشمالية، و”عطبرة” في ولاية نهر النيل، و”بورتسودان” في الشرق، بغرض التجارة أو التعليم أو إجراءات السفر، بينما يواجهون خطر الاعتقالات بتهم التخابر مع قوات الدعم السريع.

وتعد هذه المحاكمات جزءًا من سياسة تستهدف مكونات اجتماعية معينة في البلاد، حيث يُنظر إلى سكان دارفور وكردفان على أنهم حواضن لقوات الدعم السريع، ما يضعهم في مواجهة مستمرة مع السلطات في مناطق سيطرة الجيش.

وتؤكد هذه الانتهاكات القانونية والحقوقية على أن السودان يواجه تحديات جسيمة في الحفاظ على عدالة قضائية مستقلة والتعايش السلمي بين مكوناته المختلفة في ظل الوضع السياسي الراهن.


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى