مَن يفاوض السودان في جدة؟ (3)
رشان أوشي
نكرر القول إن “الحرب الراهنة ليست كسابقاتها”، هي ليست كذلك، لأنها وضعتنا من حيث لم نحتسب، أمام تحدي حرب أخرى، ستكون هي عنوان المعركة الوطنية القادمة، من يستحق حكم السودان؟، الوطنيون أم العملاء المدعومين بعصا المجتمع الدولي.
نحن اليوم في قلب معركة سياسية وإعلامية، هي الأشد منذ جريمة 15/ أبريل/ 2023 م، السودان شعباً وجيشاً يقاتل وحده ضد الوصاية الدولية، وضد سياسة “لي الذراع”، وسينتصر -بإذن الله-.
منذ اندلاع الحرب الأخيرة بمداها التدميري والتفاصيل الدموية لشرارتها الأولى التي قدحتها “مليشيا الدعم السريع مدعومة بالهيجان السياسي الذي لا يزال يرافقها، قناعتي بأن المعركة الوطنية القادمة ستكون أكبر بكثير مما شهدناه سابقاً.
اتضح ذلك من خلال” البروباغاندا “المدعومة بالأكاذيب والفبركة التي صاحبت الإعلان عن استئناف منبر جدة، وتزامن ذلك مع وصول عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام للجيش فريق أول” كباشي “إلى قاعدة وادي سيدنا العسكرية في طريقه إلى العاصمة الإدارية المؤقتة في بورتسودان، حاولوا تسويق فكرة” مغادرته لأجل التفاوض “، واحتشد السياسيون الفاشلون في “اديس ابابا” ، ظناً باقتراب كراسي السلطة التي سيمنحها لهم الدعم السريع بعد التفاوض، أمر مضحك للغاية.
غادر” كباشي “مباني القيادة العامة في قلب الخرطوم إلى وادي سيدنا_شمال أم درمان ، دون أن نسمع عن استشهاد أو إصابة فرد من القوات التي كانت تحرسه، مما يشير إلى أنه قطع رحلته دون أن يعترضه أحد، كل تلك الشواهد تدحض فرية الدعم السريع بمحاصرة القيادة العامة أو سيطرته على الأرض.
المفاوضون في جدة، هم وفد عسكري من القوات المسلحة السودانية، ليسوا سياسيين حتى يتفاوضوا على تقسيم السلطة، يحملون شروط الجيش السوداني لإيقاف الحرب، وأهمها مغادرة المتمردين الأعيان المدنية، منازل المواطنين، إخلاء المشافي، واختفاء المظاهر العسكرية، ومن ثم تجميع القوات في معسكرات خارج المدن تمهيداً لعملية الدمج والتسريح.
محاولة تسويق” منبر جدة “على أنه هزيمة للجيش السوداني، ونصر مقتدر للمتمردين؛ ما هو إلا بروباغاندا هدفها إحباط الشعب والمقاتلين المرابطين في ميادين القتال، القوات المسلحة لن تفرط في كبرياء شعبها، ولن تتهاون في القصاص له، ولن يعود الدعم السريع إلى الوجود ولو نفخت فيه قوى الحرية والتغيير وداعميه الإقليميين والدوليين ألف روح.
القوات المسلحة تفاوض على التسليم والتسلم فقط لا غير، ولن يكون هناك شرط آخر مطروح للنقاش، الجيش السوداني هو الأكثر حرصاً في القضاء على كل مظاهر التمليش وحمل السلاح خارج مؤسسات الدولة النظامية، هذه المعركة هي معركة بقاء أو فناء بالنسبة له، لا مجال للتفاوض أو التهاون أو التنازل مطلقا.
المجتمعون في “اديس ابابا” ، والمليشيات الإعلامية للتمرد، جميعهم يهدرون الوقت، وسيحصدون الهشيم بلا شك، خاصة بعد أن وصل المجتمع الدولي لقناعة أن حلفاءهم السودانيين لا قيمة لهم، ولن يحققوا مبتغاهم، قريباً سيلفظونهم ليفاوضوا الدولة على مصالحهم في السودان.
محبتي واحترامي