رؤي *واصله عباس* *المك عجيب.. رحل الفراقه حار ملالا*
لم أكن بحوجة لجراحات جديدة ،، فقد كالني الزمان بوجع ،، وجثم علي صدورنا وأفئدتنا حزن دفين ،،أسعي جاهدة أن أستفيق من هول المصاب ،،فيزداد الجرح قيحاً ، كلما أشرقت شمس فجر جديد، أتهيب المرور في مواقع التواصل ،حتي لأ أصاب بمايدميني ويوجعني ، فلقد إكتفيت منهم ، ولكني أعود أتلصص كمن سيسرق ويهرب ، ولكن من هول مالمسته في تلصصي ، تسمرت أقدامي من شدة الوجع والحزن الدفين ، وفي مجموعة *(صيوان العزاء)* الخاص بالأهل والعشيرة علي الواتساب ، تزداد نبضات قلبي وتتسارع كلما مددت يدي لأتصفحه ، خشية خبر صادم بفقد عزيز ملأ الروح محبة وإعتزازا ، ومابين رحيل *أخي حامد* في ودمدني وهول مالاقيت في رحيله وأنا بعيدة عن الأهل أصبح الفقد قاتل ،، ومابين الأيادي الغاشمة التي غدرت بابناء أخي *مجتبي حفيد جدي الدقال ومحمد* ، في بلدتي القيعة ريفي جنوب امدرمان ، هاهي ذات المواقع تزيدني وجعاً ، وتكيل لي من الحزن مكيالات ، لترسي سفينة الأحزان في مصر وهي تنعي الرجل الخلوق *(أخو الأخوان ومكرم الضيفان )* غرارة العبوس الشالت المك عجيب الهادي ، صاحب المواقف الوطنية التي خلدها تاريخ السودان ، وسطرها بكل شجاعة وبسالة ليعيد سطور التاريخ وهو يكتبها بفخر وإعزاز ، عندما تحد قائد البعثة الأممية ، مطالبه برحيله لتخرج عبارة *(فولكر بره)* و *(أنا ابوالخرطوم)* ، ولم يغب المك عجيب الهادي البرلماني المعتق ، والقامة القيادية وسط القبائل والعشائر ، قائدا لركبهم ، ومتحدثا بأسمهم وهو لاتعوزه الكلمات والعبارات ، فهو خطيب مفوه عركته المجالس والمنابر ، وتظل قولته الشهيرة لحميدتي عندما كان في عز صولجانه وقوته مدججاً بجيوشه ، وخزائنه ممتلئة حتي فاضت ، *(عندك معانا بوكس تعال شيلوه ..)* وكان لهذا القول دلالات واضحة ،أنه لايُشتري بالمال ، وأنه ماض فيما يعتزم القيام به بلا خوف وولا خضوع ولاخنوع . مواقف كثيرة عايشتها مع *المك عجيب الهادي* ، عندمت قمت بالتحقيق الصُحفي الشهير *(بصحيفة الوطن الغراء)* حول إختيار أراضي الجموعية لقيام مطار الخرطوم الجديد ، وكان التحقيق تحت عنوان *(هل صبر الجموعية علي أم شعيفة وحر السموم حتي يكون هذا مصيرهم* *، بعد إختيار أرضهم للمطار)* حينها تم إستدعائي لنيابة الصحافة والمطبوعات ، وتمت مطالبتي بمبلغ ثلاث مليار جنيه من إدارة المطار ،ومن هول المبلغ آنذاك أعدت سؤالي للقاضي : يعني كم؟ ، وعندما عُدت لمقر الصحيفة وعلم أستاذ سيد أحمد خليفة بالمبلغ المطلوب :ضحك قائلا : والله إلا نبيع أراضي الجموعية والشايقية حتي نكفي المبلغ؟ أنا إشتغلت صحفي بعمرك يابتي .. ماطلبوه مني المبلغ ده .. أنتي الأن أغلي صحفية في الصحافة السودانية ،، وحينها تجلي موقف *(المك عجيب الهادي )* ، حينما حضر الي بالصحيفة طالبني مني الخروج معه لتسوية أمر القضية مع إدارة المطار : وقال في الإجتماع الحاسم بين الجموعية وإدارة المطار *(حلو مشكلة بتنا ده أولا والباقي نتمه )* . وأنتهت القضية .
ظللت في تواصل معه في كل مايخص أمر قبيلة الجموعية ومنطقة أبوسعد ، وتوالت اللقاءت في العديد من المحافل ، وكان دائما هاشا باشا في إستقباله ، لم تغيره المكاسب والمناصب، وظل خادما لأهله ، ملبياً لإحتياجاتهم ، ملماً بقضاياهم ، أذكر موقفه معنا عندما أنبرأ المتطوعين بجمعية الهلال الاحمر السوداني لتصحيح الأوضاع في الجمعية بتنظيم إعتصام إستمر زُهاء السبعة عشر يوما ، تمخض عنه تغييراً جذرياً في إدارة الجمعية ، وكنت حادي الركب في الإعتصام ، إتصل به بعض الأهل بضرورة دعمي ومؤازرتي فكانت مقولته التي أعتبرها طوق يزيني عنقي *(بت التربال مابتخاف عليها .. وحقها بتجيبوه حمرة عين )* ، وكانت للمك عجيب جملة من المواقف التي جسدها خدمة لأهله وعشيرته التي كان يباهي بها ويفتخر وهو الصوت الذي ماخنع ،ولأ دان لأحد يوما ،لهذا يظل رحيله علامة فارقة في مسيرة البناء الوطني والسياسي ، وقد إفتقدته الساحة السياسية في حرب الجيش ضد مليشيات الدعم السريع ، حيث أقعده المرض عن تلبية النداء ، ولولا المرض لكان في الصفوف الأمامية منافحاً ومدافعاً وصائلاً وجائلاً لأجل وطن حُر وأبيّ ، لايخشي في الحق لومة لائم كأنما يقول : *(النور في قلبي وبين جوانحي فعلامة أخشي السير في* الظلماء ؟.)* أعزي نفسي وعشيرتي ومعارفه وأهله وعارفي فضله بهذا الفقد الجلل وإنا لله وإنا إليه راجعون في جنات الخلد كن ومع الصديقين والشهداء أنعم.
رؤي أخيرة :_
كم حليت مشاكل وكم سترت عيوب … وكل الكان عديل صبح مقلوب
الليله الحديث خرب يادوب .. مادام المحنك وسدوه الطوب
أب كفا خريف حاشاهو ماهو بخيل .. ثابت قلبه أثبت من جبل توتيل
بارز في الرجال في الحكمة باعه طويل